تمضي الأعوام عامًا بعد عام..
ونحن نعدّ الأيام في تقلب الليل والنهار..
فحمدًا لربي على طول عمر وحسن عمل وتقلب في نعمة وأمن وأمان..
{ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ}.
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}.
ففي تقلب الليل والنهاروتعاقبهما عبرة وعظة...
ففي مضي الإيام وطي الأعوام تأمل وتفكر..
مع كل إشراقة شمس نقلب ورقة التقويم أو ننزعها..
ايذانا بانصرام يوم واستقبال يوم جديد.. وهكذا واحدة بعد أخرى..
حتى يأتي يوم لانجد ورقة نقلبها أو ننزعها..
عندها نعلم اننا على عتبة عام جديد..
فهناك قف مكانك والتفت وراءك..
وانظر الى تلك الايام التي تصرمت من عامك وفاتت من حياتك..
وقلّب تلك الصفحات التي طويت من عمرك..
وانظر الى الزوايا المظلمة في طريقك.. والى مصابيح الدجى وأعمال الخير التي أضاءت لك الطريق في عـ ـ ـام مضى!!
كم من هم مر بك؟ وكم من مصيبتة ابتليت بها؟
حتى ظننت انك هلكت ففرجها الله وكشفها..
وكم من ذنب اقترفته وخطيئة اكتسبتها؟
حتى ظننت ان الله لايغفرها فإستغفرته فغفر لك ولا يبالي..
وكم من اعمال الخير ومكاسب الحسنات التي لولا توفيق الله لما عملتها فله المنّ والفضل؟؟
إنك ان تنظر في ايام مضت وساعات خلت..
تتقلب فيها بين نعمة وفتنة.. وبين منحة ومحنة.. وبين طاعة ومعصية..
وتنظر الى توفيق الله لك.. وستره عليك.. وفضله ومنته..
والهامك الصبر والشكر.. والمد في عمرك.. وامهالك للتوبة والاستغفار..
لتحس بشعور ينبعث من خلجات قلبك وحنايا صدرك كله خضوع وذلة لله!!
تترجمه النفس بالحاجة والإفتقار..
وتترجمه العيون بالدموع والإنكسار..
ويترجمه اللسان بالحمد والثناء للعزيز الغفار!!
فاليوم وقد مضى من عمرك سنين عددا.. وازددت من الآخرة قربا..
هل تفكرت في عام مضى على اي شيء امضيته؟!
هل تفكرت في اعمال نُسخت في كتاب لايغادر صغيرة ولاكبيرة الا احصاها؟؟!!
كيف نُسخت؟!
هل تفكرت في كلمة قلتها فرصدت من رقيب عتيد!! كيف قلتها؟؟
إن لم تتفكر فيها اليوم فستتفكر بها غدا يوم تنشر الدواوين وتنصب الموازين..
ويقال: {اقرأ كتابك..كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا}.
فترى اعمالا احصاها الله ونسيتها!!
فليت شعري ماذا تريد ان تقرأ فيه؟
هل تريد ان تقرأ فيه اعمالا صالحة من صلاة وزكاة وصوم وذكر وقراءة قرءان وعلم ينتفع به وأمر بمعروف ونهي عن منكر وخير وبر واحسان؟؟
أم تريد ان تقرأ فيه تمرد وعصيان وتثاقل عن الطاعات وتضييع للصلوات وإنتهاك للمحرمات وإقتراف للمنكرات وإتباع للشهوات؟
اختر لنفسك اليوم ماتريد حفظه على صفحات كتابك ...
فهما إثنان لاثالث لهما:
رجل آخذ كتابه بيمينه يقول هاؤم اقرؤا كتابيه..
ورجل آخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره ويقول ياليتني لم أوت كتابيه..
فهاهو العام الجديد قد أقبل عليك بثوبه الجديد..
والايام قادمة فيه كالسراب..
ما إن تصلها حتى تمضي وراءك محملة بما فيها من الخير والشر..
فماذا انت مودع فيها من العمل؟؟
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.
فهل سيمضي كالعام الذي قبله؟؟
أم انه سيكون عاما جديدا وحياة جديدة وثوبا جديدا..؟؟!!
أمد الله أعماركم أعواما عديدة وأزمنة مديدة على طاعة وحسن عمل..
الكاتب: خالد بن محمد الوهيبي.
المصدر: شبكة الصوت الإسلامي.